
مقالات
الطرق المختلفة والمتعددة التي تكون غايتها هي حماية حسابات الإنترنت المتعلقة في الحاسب الآلي وحماية الملفات من التسلل أو التدخل والتطفل من

كيف نحمي أمهات التلاميذ على الإنترنت؟
في ظل جائحة (كوفيد 19) تجلس الأمهات أمام شبكة عنكبوتية متشعبة في أغلب الأوقات، يتحمَّلن مهامًّا ثقيلة بعد أن فرض عليهن التعليم الإلكتروني عن بُعد استخدام تطبيقات الهواتف الذكية وبرامج التواصل الاجتماعي، وقضاء المزيد من الوقت أمام الشاشة لمساعدة الأبناء في أداء الواجبات الدراسية المتعددة.
وبينما تسعى الأمهات جاهداتٍ خلف العملية التعليمية المتسارعة والمجهدة، فقد ألفين إلى أنفسهن وقد صرنَ عرضة للعديد من الجرائم الإلكترونية، لسبب رئيس يكمن في جهلهن بأساليب الاستخدام الآمن للإنترنت، وعدم إلمامهن بالتطبيقات المتعددة التي يحتجن إليها أثناء التعليم. وقد تعرّضت بعض الأمّهات، بالفعل، للعنف، والتحرش الإلكتروني، والابتزاز، والتنمر، والاستغلال، واختراق الخصوصية… وغيرها من أضرار.
نسعى في هذا التقرير إلى تمكين الأمهات من معرفة كيف يمكن لهنّ أن يحمين أنفسهن، وأن يحفظن خصوصيتهن أثناء عملهنّ عبر الإنترنت، ونقف معهنّ على أهمية تأمين حساباتهن الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاته.
اعتداء إلكتروني
مع حلول الغروب، حاولت السيدة باسمة (45 عامًا) اقتناص جزء من الوقت لكي تستريح فيه من عناء يوم شاق مزدحم بالعمل عن بُعد، ومن أعمال المنزل، ومتابعة دروس أبنائها الثلاثة. وبينما كانت تهم بالاسترخاء، طرقت مجموعة من الجارات باب منزلها، وقد أتين على غير عادتهن حانقات جراء فعل ارتكبته ابنتها الصغرى، سجى، ذات الاثني عشر عامًا.
تحدثت الجارات الغاضبات عن رسائل إلكترونية بذيئة استهدفت كلًّا منهن باسمها. ما أثار دهشة السيدة باسمة أن تلك الرسائل قد وصلت إليهن من حساب ابنتها التي تدرس في الصف السادس الابتدائي! لم تستوعب باسمة المفاجأة في البداية، وأذهلها سلوك ابنتها الصغيرة التي عرفت بهدوئها مع الجيران. لقد صدمها من الخبر إلى الحد الذي عقد لسانها عن الرد على الجارات.
مرتعشة الأعصاب من شدة الغضب، اتصلت الأم بمعلمة ابنتها، لتقف منها على سر اختراق حساب ابنتها، على اعتبار أن البريد الإلكتروني المستخدم في التعليم هو من وصلت منه الرسائل البذيئة إلى الجيران. تفهمت المعلمة مشكلة باسمة، واقترحت عليها اللجوء إلى وحدة الجرائم الإلكترونية في الشرطة. اقتنعت باسمة بنصيحة المعلمة وأبلغت الشرطة التي تابعت القضية. وقد اكتشفت بالفعل أن أحد أبناء الجيران ممن كانوا على خصومة شخصية مع العائلة قد اخترق حساب سجى الشخصي، وفعل فعلته غير الأخلاقية للانتقام من العائلة.
لخصت الأم مشكلتها في أنها قد وجدت نفسها فجأة مضطرة للتعامل مع تطبيقات إلكترونية عديدة، من دون أن تكون ملمة بقواعد الأمان عند الاستخدام، وأضافت في استياء: "كان أمر اختراق بريد ابنتي الإلكتروني محرجًا للغاية، لقد ساءني تعرُّضنا للتنمر من محيطنا القريب قبل اكتشاف حقيقة الأمر"، وقد لخّصت الأم مشكلة الأمهات وقلقهن من خلال تجربتها الشخصية فقالت: "أعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم معرفتنا لما يجب علينا القيام به لمواجهة هذا الاعتداء الإلكتروني وملاحقة مرتكبيه".
تعلّم الأمان الرقمي
فرضت بيئةُ التعلّم الجديدة بما تستلزمه من ولوج المنصات والمواقع الإلكترونية، واجباتٍ مستجدةٍ على الأمهات لم يكنَّ على دراية بها، وعليه، فقد أصبح من الواجب على أولياء الأمور التعامل مع التقنيات في ظل جائحة كوروناـ بعد أن كان حكرًا على الطلبة والمعلمين.
تشرح المعلمة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات، أسماء عيد، ذلك قائلة: وجدت الأم نفسها أمام تقنيات حديثة لا علم لها بها، ولا تعرف أبعادها؛ لكونها لم تتدرب على كيفية التعامل مع الاجتماعات والحصص الإلكترونية، وكيفية تسجيل الخروج من حساب البريد الإلكتروني أو غلق الميكروفون أو الكاميرا، وما يتبع ذلك من احتمالية التعرض لإحدى الجرائم الإلكترونية من ابتزاز أو إثارة للضغائن، أو تعرض الطالب الذي كشفت أسرار عائلته للتنمُّر من قِبل زملائه أو أفراد المجتمع من حوله.
وتؤكد عيد على أن تعلم أساسيات التكنولوجيا التي تصل بنا إلى بر الأمان ليست صعبة كما تبدو، فالمحتوى الغزير على اليوتيوب جيد، وسوف تجد فيه الأمهات الكثير من الفيديوهات التي تبسط المعلومات. وتوصي عيد في حال تعرض الأم لاختراق حساباتها، أو الابتزاز، بعدم الهلع، بل التواصل مع المدرسة إن كان الأمر متصلًا بالمواقع التعليمية، أو التوجه إلى الشرطة (قسم حماية الأسرة)، حيث ستتم معالجة الأمر بسهولة.
وتشير عيد؛ صاحبة المبادرة التربوية "خذ بيدي إلى العالم الرقمي"، إلى أن نسبة عالية من الأمهات قد أصبحن مُلمّات بأساسيات الأمان الرقمي؛ مما أدى إلى زيادة الوعي تجاه حفظ الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع التعليمية، وتعلم الجديد في هذا المجال. وأضافت: "لقد ساعد التنافس بين الأمهات اللواتي لديهن أطفال في نفس الصفوف على انتشار ثقافة تعلم التكنولوجيا خارج أسوار المدرسة، حيث يتعلمن كيفية حماية أنفسهن من الوقوع ضحايا للجرائم الإلكترونية، ويُشِعْنَ فيما بينهن ضرورة الحفاظ على الخصوصية عبر الإنترنت، وأهمية تأمين حساباتهن الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاته".
نصائح ذهبية
يقول الصحفي المختص في قضايا الحقوق الرقمية إياد الرفاعي: إن التعلّم عن بعد، وسائر التقنيات التي تستخدم في هذا التعليم، تقنيات حساسة بسبب استخدام الصوت والصورة فيها، بل وحتّى الموقع الجغرافي أحيانا. لذا يجب اتخاذ تدابير خاصة من قِبل الأمهات في البيوت تتعلق بالحماية الرقمية وتدريب الأطفال على استخدام التطبيقات والبرامج بالشكل الآمن.
وأوضح الرفاعي أن مسؤولية تطور المهارات الرقمية المرتبط بالتعليم الأساسي تقع على جهتين؛ الأولى: الأمهات؛ لكونهن المشرفات على تعليم أبنائهن. والثانية: على عاتق التربية والتعليم التي عليها أن تفرد مساحات خاصة عن الأمان الرقمي لطلبة المدارس. يأسف الرفاعي لتدني مستوى الاهتمام بالسلامة الرقمية عند غالبية فئات المجتمع، حيث تتفاقم مخاطر استخدام التكنولوجيا لتصل إلى مستويات معقدة، أبسطها عدم التعامل الآمن مع الكاميرا، والميكروفون المفتوح، خلال عمليات التعلّم، أو مشاركة الملفات، وواجهة الحاسوب مع الآخرين مثلًا، وما ينتج عن ذلك من احتمالية الاختراق والابتزاز والتصيد (سرقة بيانات شخصية عن طريق ضغط روابط خبيثة) والتعرض للتنمر الإلكتروني.
وينصح مدرب الأمان الرقمي بعدم الدخول إلى أية روابط مجهولة؛ حيث إن معظمها يكون احتياليًّا. وأيضًا عدم استقبال الرسائل على مختلف المنصات إلا من أشخاص تجمعنا بهم معرفة تامة. ومع هذا علينا أن نتذكر الروابط الخبيثة تأتي عادة من المعارف والأشخاص القريبين منّا، لذلك، إذا ما بدا الرابط أو الموضوع غريبا بعض الشيء، فمن المفضّل استيضاح الأمر من المرسل/ة قبل الضغط على الرابط.
أما النصيحة الذهبية التي يقدمها، نظرًا لعدم وجود أمان مطلق لمستخدمي الأجهزة الذكية هي أنه لا يجب ألا نترك البيانات والمعلومات الشخصية متاحة للجميع، بل علينا حفظها على أجهزة تخزين منفصلة للحفاظ عليها. إضافةً إلى أهمية التأكد من مصادر التطبيقات، وذلك بتحميلها من مصادر موثوق بها لا تحتوي على فيروسات، إلى جانب استخدام برامج مكافحة الفيروسات في الهاتف الذكي أيضا، واستخدام كلمات مرور قوية، وعدم مشاركتها مع الآخرين.